يعرض عدد متزايد من الأفراد غير المدربين خدمات استشارية على Carousell، وهو سوق عبر الإنترنت، مما يثير مخاوف خطيرة بين المتخصصين في الصحة العقلية.
ومن بين هؤلاء خريج سابق في علم النفس وآخر يصف نفسه بأنه "مراهق عادي" يقدمان خدمات تستند فقط إلى تجارب شخصية. وفي حين يقدم البعض خدماتهم مجانًا، يتقاضى آخرون ما بين دولار واحد و70 دولارًا لكل جلسة.
ويحذر خبراء الصحة العقلية من أن مثل هذه الاستشارات غير المنظمة قد تسبب ضررا أكثر من نفعها، حيث يتطلب العلاج المهني تدريبا مكثفا، ووعيا أخلاقيا، وإشرافا سريريا.
أعربت جمعية سنغافورة للاستشارات النفسية عن مخاوفها بشأن الوجود المتزايد لخدمات الاستشارات غير المؤهلة عبر الإنترنت، مؤكدة أن الدعم غير السليم للصحة العقلية يمكن أن يؤدي إلى ضرر نفسي غير مقصود.
لا يزال قطاع الاستشارة في سنغافورة غير خاضع للتنظيم، على عكس الطب النفسي، الذي يقع تحت إشراف المجلس الطبي في سنغافورة. وقد مكنت هذه الفجوة التنظيمية من زيادة خدمات العلاج الإعلاني الفردي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات عبر الإنترنت.
لقد قامت SAC مؤخرًا بمراجعة 16 قائمة مرتبطة بالاستشارة على Carousell ووجدت أن العديد منها يفتقر إلى الشفافية فيما يتعلق بالمؤهلات، حيث قدم البعض أنفسهم زوراً على أنهم متخصصون شرعيون في الصحة العقلية. وقد تواصلت الجمعية منذ ذلك الحين مع Carousell لمناقشة الضمانات المحتملة لحماية المستهلكين، بما في ذلك اشتراط حقول إلزامية للمؤهلات المهنية في القوائم المتعلقة بالاستشارة.
وسلط آندي لام، رئيس SAC، الضوء على أهمية مثل هذه التدابير، مشيرًا إلى أن مستخدمي Carousell يأتون من خلفيات متنوعة، وقد يجد الكثير منهم صعوبة في التمييز بين المهنيين المدربين والأفراد غير المؤهلين. وشدد على أنه بدون التنظيم المناسب، قد يعرض الأفراد الذين يطلبون المساعدة أنفسهم للخطر دون علمهم.
أقرت شركة Carousell بالمشكلة لكنها ذكرت أنها لا تعلم بوجود لوائح محلية محددة تحكم خدمات الاستشارة. وأكد متحدث باسم المنصة أن المناقشات جارية مع SAC لاستكشاف أساليب أفضل للاعتدال. وعلى الرغم من مخاوف SAC، ظلت 15 من القوائم الـ 16 نشطة حتى 25 فبراير.
ماذا تقول القائمة
وقد أكدت العديد من القوائم على الطبيعة المتعاطفة للبائعين وقدرتهم على الاستماع إليهم بدلاً من أي مؤهلات رسمية. وفي حين اعترف البعض بأنهم ليسوا محترفين، فشل آخرون في تقديم تفاصيل حول مؤهلاتهم.
عند الاتصال بهم تحت ستار عميل محتمل، عرض العديد من الأفراد خدمات في مجالات مثل العلاقات والزواج والاستشارات المتعلقة بالأطفال، على الرغم من افتقارهم إلى التدريب المهني اللازم.
حذر الدكتور جوناثان كيوك، المحاضر المساعد في جامعة جيمس كوك، من افتراض أن تجربة الحياة والتعاطف وحدهما يؤهلان شخصًا لتقديم الدعم للصحة العقلية.
وأوضح أن الإرشاد الفعال يتطلب أكثر من مجرد الاستماع أو تقديم النصائح، حيث يقوم المهنيون المدربون بتوجيه الأفراد نحو الحلول بدلاً من فرض الآراء الشخصية.
مخاطر الاستشارة غير المؤهلة
حذرت السيدة وونغ وون تشي، المستشارة المساعدة في مركز كير كورنر للاستشارات، من أن الاستشارات غير المؤهلة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. وأوضحت أنه في الاستشارات الزوجية، قد يفشل الفرد غير المدرب في التعرف على علامات العنف المنزلي، أو التحقق من ديناميكيات العلاقة السامة، أو تقديم المشورة التي تؤدي إلى تفاقم الصراعات.
في استشارة الأطفال، قد يسيء المستشار غير المؤهل تفسير القضايا السلوكية، أو يفشل في خلق بيئة آمنة، أو ينتهك السرية عن غير قصد، مما قد يتسبب في ضرر عاطفي طويل الأمد.
ومن بين القوائم المنشورة على موقع كاروسيل كانت قائمة لطالب ماجستير يقدم جلسات استشارية مجانية لاستكمال ساعات التدريب العملي، وهو شرط أساسي لبرامج الإرشاد المعترف بها.
ومع ذلك، أوضحت SAC أنه لا يُسمح للمتدربين بالبحث عن عملاء من خلال الأسواق عبر الإنترنت، حيث يجب مراقبة مواقع التدريب العملي من قبل المدربين وترتيبها من خلال مؤسسات معتمدة. قام الطالب بإزالة القائمة عند علمه بالقيود.
اختيار المستشار المناسب لك
تنصح SAC الراغبين في الحصول على المشورة بالتحقق من أن الممارسين يحملون مؤهلات الدراسات العليا، ولديهم خبرة موثقة، ومسجلين لدى هيئات مهنية معترف بها.
كما يحذر من الأفراد الذين يقدمون ادعاءات مبالغ فيها أو يعدون بإصلاحات سريعة، مثل ضمان التعافي من الصدمة في جلسة واحدة.
على مدى سنوات، دعت SAC إلى التنظيم الرسمي لمهنة الإرشاد، ولكن لم يكن هناك أي رد رسمي من الوزارات الحكومية.
مع إعطاء سنغافورة الأولوية بشكل متزايد للصحة العقلية والرفاهية، يؤكد الخبراء على أن التنظيم ضروري لضمان حصول الأفراد على رعاية آمنة وفعالة.
وتساءل الدكتور كيوك عن سبب سعي أي شخص للحصول على الدعم في مجال الصحة العقلية من مستشار غير مؤهل، وقارن ذلك بزيارة طبيب غير مرخص.
ويقول الخبراء إن خطر الاستعانة بمستشارين غير مدربين يظل يشكل مصدر قلق خطير، حتى يتم وضع القواعد التنظيمية اللازمة.