تم إعادة إنتاج هذه المقالة من: صحيفة وول ستريت جورنال
لقد بدأ اتجاه الاقتصاد العالمي في التحول.
يشير أحدث تقرير بحثي صادر عن بنك جي بي مورجان تشيس إلى أن انتشار "الاستثنائية الأميركية" في السنوات القليلة الماضية ربما يقترب من نهايته. منذ اندلاع الوباء، كان التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة قوياً، متجاوزاً بشكل كبير المناطق الأخرى، لكن الفجوة تضيق الآن. ويثير التقرير، الذي أعده بروس كاسمان وجوزيف لوبتون، سؤالاً رئيسياً: هل يستطيع الاقتصاد الأميركي أن يستمر في تحقيق أداء متفوق على المدى الطويل؟ كان المحللون يتوقعون تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة إلى مستواه المحتمل عند حوالي 2%، لكن عوامل مثل الاحتكاكات التجارية والتشديد المالي من المتوقع أن تسحب النمو من بقية العالم، مما يحافظ على الميزة النسبية للولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة دفعت جي بي مورجان إلى إعادة تقييم وجهة نظره. في حين يبدو أن السياسة الأميركية تتحول نحو موقف أقل ملاءمة للأعمال التجارية، فإن السياسة المالية في أوروبا بدأت تستيقظ، وخاصة في ألمانيا.
نهاية "الاستثنائية الأميركية"؟
يشير التقرير إلى أن العديد من العوامل الرئيسية التي أدت إلى "الاستثناء الأمريكي" بدأت تنعكس:
الإنفاق الحكومي: في الفترة 2023-2024، زاد الإنفاق الحكومي الأمريكي بشكل كبير، مما أدى إلى دفع النمو الاقتصادي. لكن الآن، تؤدي سياسات وزارة المالية إلى إمكانية إجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق الحكومي. وبدلاً من ذلك، تتجه أوروبا نحو سياسات مالية أكثر تحفيزاً، وخاصة في مجال الدفاع والبنية الأساسية. صدمة الأسعار: أدى الوباء والصراع بين روسيا وأوكرانيا إلى ارتفاع معدلات التضخم في أوروبا. والآن، ومع تزايد احتمالات التوصل إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا، انخفضت أسعار الغاز بشكل حاد. وفي الوقت نفسه، تواجه الولايات المتحدة صدمة أسعار جديدة مع فرض الرسوم الجمركية التي من شأنها أن تدفع معدلات التضخم إلى الارتفاع.
التحديات المتعلقة بجانب العرض: على مدى العامين الماضيين، زادت الإنتاجية في الولايات المتحدة بشكل كبير، في حين انخفضت الإنتاجية في أوروبا. ويعتقد بنك جي بي مورجان أن نمو العرض في الولايات المتحدة يتباطأ بالفعل مع تباطؤ الطلب في الولايات المتحدة وتباطؤ تدفقات الهجرة. وفي المقابل، يتسارع العرض في أوروبا، ومن المتوقع أن يتعافى بشكل أكبر مع تعافي الطلب.
تعافي أوروبا في ظل الحرب التجارية
رفعت شركة جي بي مورجان تشيس توقعاتها للنمو الاقتصادي في منطقة اليورو بشكل كبير من عام 2025 إلى عام 2026، وتوقعت أن يكون معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو قريبًا من 2%. وكان هذا التحول مدفوعا إلى حد كبير بسلسلة من تدابير التحفيز المالي التي أعلنت عنها الحكومة الائتلافية الجديدة في ألمانيا، بما في ذلك صندوق البنية الأساسية وإعفاء الإنفاق الدفاعي من حدود الديون.
يظهر الرسم البياني في التقرير (الشكل 2) أنه مع التحفيز المالي الجديد في منطقة اليورو، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي في منطقة اليورو بشكل كبير. ومع ذلك، إذا فرضت الولايات المتحدة تعريفة جمركية بنسبة 25% على اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، فقد ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي إلى نحو 1%.

ارتفاع خطر الركود العالمي
على الرغم من تحسن التوقعات في أوروبا، حذر بنك جي بي مورجان تشيس من أن الاقتصاد العالمي لا يزال يواجه خطرين رئيسيين:
شن الولايات المتحدة حربًا تجارية ضد الاتحاد الأوروبي، وهو ما من شأنه أن يجر النمو الاقتصادي في منطقة اليورو إلى تراجع خطير.
أحدثت السياسة التجارية الأميركية صدمة في ثقة الشركات، مما أدى إلى ركود في الاقتصاد الأميركي والعالمي.
رفع بنك جي بي مورجان تشيس تقييمه للمخاطر المرتبطة بالركود العالمي هذا العام من 30% إلى 40% (الشكل 3).

يشير التقرير إلى أن التباطؤ في الاقتصاد الأمريكي عادة ما يكون له تأثير على أجزاء أخرى من العالم بنسبة 1:1 تقريبًا (الشكل 9). ولكن إذا كان تباطؤ الاقتصاد في الولايات المتحدة يرجع إلى عرقلة اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، فإن قنوات انتقال الأموال إلى المناطق خارج أميركا الشمالية قد تكون أكثر هدوءا.

الثقة تتباين: الولايات المتحدة تضعف، وأوروبا تستقر
وأشار التقرير أيضا إلى أنه حتى لو تم تجنب حرب تجارية شاملة، فإن التهديد المتبادل قد يظل كافيا لإبطاء النمو العالمي.
حاليا، ورغم أن ثقة الشركات في الولايات المتحدة بدأت تتراجع، فإن الثقة في منطقة اليورو لا تزال صامدة (الشكل 10).

في شهر فبراير، انخفض كل من قطاع التصنيع وثقة المستهلك في الولايات المتحدة بشكل حاد. وعلى النقيض من ذلك، لم تتدهور الثقة في أوروبا بشكل كبير هذا العام، على الرغم من أن معنويات الأعمال لا تزال ضعيفة بشكل عام. ومن الجدير بالذكر أن ثقة المستهلكين في منطقة اليورو كانت في ارتفاع مع إظهار المستهلكين الأميركيين للحذر.
الخلاصة: العالم يعاد تشكيله
يرسم هذا التقرير الذي أعدته مؤسسة جي بي مورجان تشيس صورة للمشهد الاقتصادي العالمي الذي يخضع لتغيرات كبرى. إن هالة "الاستثنائية الأميركية" بدأت تتلاشى، وربما تستقبل أوروبا فرص نمو جديدة. ومع ذلك، تظل الحروب التجارية وعدم اليقين السياسي بمثابة سيف ديموقليس المعلق فوق الاقتصاد العالمي. إن الطريق أمامنا مليء بعدم اليقين، ولكن هناك شيء واحد واضح: وهو أن العالم أصبح أقل "استثنائية أميركية".